أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (شاهد على العصر) حيث نواصل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الأسبق والمخطط الرئيسي لحرب أكتوبر من الناحية العسكرية).
مرحباً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: مرحباً بك.
الأجواء السياسية والعسكرية في مصر قبل حرب 67
أحمد منصور: في الحلقة الماضية توقفنا عند عودتك من اليمن في العام 66 وعودتك إلى هيئة التدريب، وأصبحنا الآن قبل عام من حرب 67 أو هزيمة 67 كيف كانت الأجواء العسكرية في مصر والأجواء السياسية بشكل عام في تلك الفترة 66 قبل يونيو بعام؟
سعد الدين الشاذلي: كان جو عادي جداً لا ينذر بالحرب، لأن في هذا الوقت كان معظم القوات بتاعتنا موجودة في اليمن أو جزء كبير منها يعني، وكان كل اهتمام الناس بحرب اليمن ولم يكن في الأفق إطلاقاً أي مواجهة بيننا وبين إسرائيل في عام 66 وحتى في عام 67 إلى يمكن شهر مارس وأبريل، يعني الحرب جت مفاجئة بشكل غريب جداً، مفاجئة للرأي العام المصري وللقوات المسلحة المصرية.
أحمد منصور: كيف كانت مفاجئة، والرئيس عبد الناصر هو الذي صعَّد أجواء الحرب؟
سعد الدين الشاذلي: هنا يجب إن إحنا نعود بالذاكرة إلى إن أيه كيف بدأت الحرب؟ وكيف بدأ التصعيد؟ وكيف بدأ إغلاق المضيق بتاع تيرانا؟ فكل الكلام ده يعني حسب ما قيل برضو، وبأرجع وأقول لك كشاهد على العصر بأحب إن أنا أفرق بين الأحداث التي أنا كنت أحد أركانها وبين الشهادة النقلية، فالشهادة النقلية بتقول إن كان هناك إشارة أرسلت من.. من شمس بدران ومن عبد الحكيم عامر إلى..
أحمد منصور: عبد الحكيم عامر كان في ذلك الوقت..
سعد الدين الشاذلي: كان في زيارة في الهند وباكستان، فبعث إشارة مفتوحة مثلاً يعني يهاجم فيها الجانب الإسرائيلي حتى دي برضو دي شهادة نقلية يعني..
أحمد منصور: في شهر كم سعادة الفريق أو قبيل الحرب بكم؟
سعد الدين الشاذلي: قبيل الحرب بفترة قصيرة يعني، بفترة قصيرة.
أحمد منصور: كان عبد الحكيم عامر في ذلك الوقت وزير الدفاع.
سعد الدين الشاذلي: هو كان أكتر من وزير الدفاع، هو كان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية يعتبر خاضع له، يعني كان آه يعني وزير الحربية، لدرجة إن هو جه.. جاء.
أحمد منصور: كان شمس بدران وزير الحربية.
سعد الدين الشاذلي: جاب شمس بدران وكام واحد قبل منه يعني يعتبر سكرتيره، جاب سكرتيره وعمله….
أحمد منصور: وزير..
سعد الدين الشاذلي: وزير حربية، فكان وزير الحربية أقل منه يعني في هذا المنصب يعني، وأضف إلى ذلك إن قيل هناك حشود إسرائيلية على الحدود السورية وسافر الفريق فوزي اللي كان وقتها رئيس أركان إلى سوريا ليتأكد من هذه الحشود، يعني فيه أجواء صعدت تصعيد سريع جداً، يعني فيه..
أحمد منصور: لم يكن محسوباً.
سعد الدين الشاذلي: لم يكن محسوباً بالنسبة لنا كضباط صغيرين مش كضباط صغيرين.
أحمد منصور: سعادتك كنت برتبة لواء في ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي: كنت برتبة لواء ولكن لست أحد أفراد المطبخ العسكري اللي هو بأيه؟ بيرسم الخطط، أنا بتيجي لي جزء خاص بيَّ علشان أنفذه، فكانت مفاجأة لنا.. للغالبية العظمى من ضباط وجنود القوات المسلحة لأن الوقت غير مناسب، يعني أنا لما أحب أحارب إسرائيل ما أحاربهاش وجزء كبير من القوات بتاعتي في.. في اليمن، يعني أ، ب في.. في الشؤون الاستراتيجية إن الواحد ما يحاربش في جبهتين إذا.. إذا استطاع ذلك، إلا إذا فُرض عليه ذلك، فأيه اللي يخليني إن أنا أحارب في جبهتين في.. في اليمن وفي إسرائيل، وإسرائيل ماهياش عدو بسيط يعني.
أحمد منصور: لكن أنتم كعسكريين في.. في تلك المرحلة كنتم على قناعة بالدور اللي بتقوموا به في اليمن أن تنفذوا أوامر عسكرية فقط.
سعد الدين الشاذلي: تقدر تقول يعني الجزء الثاني وهو إنك أنت بتنفذ أوامر أكثر من إنك أنت بتأيه؟ بترسم.. بترسم الخطة المعينة يعني، أضف إلى ذلك إن في بلد يسيطر عليها الإعلام الموجه بيحصل عملية أيه؟ غسيل مخ وتأثير، يعني.. يعني حتى أنت لو ماكنتش مقتنع بشيء بعد فترة زمنية تجد نفسك مقتنع به، لأنك أنت ما بتسمعش لأيه؟ وجهات النظر الأخرى.
أحمد منصور: وكل الحشد النفسي العسكري والبناء العسكري لشخصيتكم طوال الفترة من 52 إلى فترة الستينيات واعتبار إسرائيل العدو الرئيسي لكم، كيف كنتم تضعون.. كيف كنتم تزنون المعايير فإن قوتكم المفروض.. التي من المفترض أن توجه إلى إسرائيل وجهت الآن في طريق آخر لم يكن في الحسبان وهو طريق اليمن.
سعد الدين الشاذلي: هذا حقيقي إذا افترضت إنك أنت جنبت إسرائيل، ما هو علشان كده بأقول لك إن أيه؟ فتح جبهة إسرائيل في هذا الوقت يعتبر خطأ من الناحية العسكرية ومن الناحية تقدير الموقف والسياسية كمان، إنما لما تيجي أنت تقول لك أيه؟ طيب ما هي القوات المسلحة موجودة وأنت بتعبء القوة العربية الفاعلة لكي تحشدها في مواجهة الاستعمار، في مواجهة العدو الرئيسي، فأصبحت شبه مقتنع بإن الحرب في اليمن لصالح العرب (In the long range) يعني خدت بالك، قد يكون ما هواش النهارده أو بكره، ولكن في المستقبل المنظور هيكون في صالحك.
أحمد منصور: لكن واضح إن البعد الاستراتيجي ده كان غايب، يعني لم يكن البعد الاستراتيجي الذي تتحدث عنه سعادتك الآن واضح حتى بالنسبة للمواجهة مع الإسرائيليين، فكيف يكون البعد الاستراتيجي مدروس بالنسبة لحرب اليمن بالشكل الذي أشرت إليه وهي على المدى البعيد -كما أشرت في الحلقة الماضية- وهو ما حدث في حرب أكتوبر وإغلاق باب المندب وشيء من هذا القبيل، يعني أيضاً البعد الاستراتيجي، إحنا نأخذ البعد الاستراتيجي لإشعال الحرب هل كان واضح؟ إذا عدوك الرئيسي موجود و.. وهناك قوة رجعية أو غيرها من المسميات التي كانت تطلق على القوى الموجودة في اليمن، هل تبدأ بالعدو المباشر أم تبدأ بالعدو الفرعي؟
سعد الدين الشاذلي: قلت لك خطأ إنك أنت نفتح في جبهتين مفيش شك، إنما هذا الخطأ يُسأل عنه الذين خططوا والذين يعني حاولوا عملية غسيل مخ للقيادات بتاعة القوات المسلحة وللشعب المصري بحيث إن هو أصبح مقتنع تماماً بإن حرب اليمن، وحرب اليمن أنا عايز أقول لك أنا ليَّ رأي فيها، حرب اليمن إذا استبعدنا أنها جاءت في وقت أرغمنا فيه على المواجهة مع إسرائيل كانت هتكون مفيدة للاستراتيجية العربية، إنما هو الخطأ إن في التوقيت، الخطأ في التوقيت أن نفتح جبهة مع إسرائيل في الوقت الذي تكون فيه قواتنا مشتركة في اليمن، وإن فيه جزء هام من قواتنا موجودة في اليمن.
أحمد منصور: يعني التصعيد لحرب 67 لم يكن مدروساً ولم يكن مخططاً له.
سعد الدين الشاذلي: لأ، لم يكن.. لم يكن وفوجئ، يعني في..
أحمد منصور: حتى من القيادة السياسية نفسها؟
سعد الدين الشاذلي: القيادة السياسية أنا لست في وضع على إن أنا أحكم فيها، إنما أنا كل اللي أعرفه إن في خلال شهر واحد، يمكن شهر مايو أو أسبوع أو أسبوعين في مؤخرة أبريل هو اللي بدأ عملية التصعيد، وبعد كده على طول في.. بدأت الحرب يعني.
أحمد منصور: كيف كان انعكاس ذلك عليكم كقادة عسكريين وأنت كنت برتبة لواء في ذلك الوقت؟ حكاية التصعيد هل توقعتم أن تقع الحرب أم هو مجرد أيضاً تصعيد.
سعد الدين الشاذلي: برضو هذا من الصعب إن أنا أجيب عليه يعني فيه كثير من الأوقات بتلجأ القيادة السياسية والقيادة العسكرية إلى عملية تصعيد كلامي دون أن أيه يكون في الأفق يعني إصرار على التنفيذ فدي برضو لا أستطيع أن أجيب عليها، إنما اللي أنا فاكره تماماً إن حصل تصعيد خطير وسريع في خلال الفترة بتاعة شهر مايو وقد يكون أسبوع أو أسبوعين في أبريل على وفجأة وجدنا نفسنا في أيه؟ في..
أحمد منصور: ما هي أشكال هذا التصعيد وصولاً إلى يوم 5 يونيو؟
سعد الدين الشاذلي: كان أهم مظهر من مظاهر التصعيد هو حشد القوات ودفعها إلى سينا، وكان بيتم بطريقة فيها المظهرية والمظاهرة العسكرية أكثر منها السرية، أنا لما بأحب أحشد مش ضروري أمشي القوات بتاعتي في النهار وفي الشوارع الرئيسية وقدام عيون الناس كلها وطبعاً بنفترض باستمرار إن إسرائيل لها جواسيس موجودة وبتبلغ هذا الكلام، فكان يعني واخد شبه مظاهرة عسكرية لدرجة إن غالبيتنا كان متصور إنها عملية مظاهرة عسكرية ولن يكون هناك حرب، يعني فيه.. فطبعاً كل ده كان يدل على إن يعني فيه بلبلة في الفكر، هل فيه حرب أو مفيش حرب.
أحمد منصور: كان تمركز القوات المصرية في منطقة سيناء، كان تمركز دفاعي أم هجومي؟
سعد الدين الشاذلي: هو فيه ما تقدرش تحط القوات بتاعتك كلها في سيناء في بعض الأوقات بيبقى فيه خطة مبدئية فيه قوات موجودة في منطقة العريش بصفة أساسية، المنطقة الأمامية للعريش ورفح وبيبقى فيه خطة حشد للقوات عندما تبدو بوادر الحرب، وخطة الحشد هي التي تبين ما إذا كان الخطة بتاعتك دفاعية أو الخطة بتاعتك أيه؟ هجومية.
أحمد منصور: كيف كانت خطة الحشد؟
سعد الدين الشاذلي: خطة الحشد كانت مرتبكة لدرجة إن في بعض الأوقات تبدو كأنها هجومية وفي بعض الأوقات قد تبدو وكأنها دفاعية.
أحمد منصور: لكن الخطة، الوضع العسكري، العسكريين، أو القادة العسكريين كان تخطيطهم أيضاً عشوائي أم تخطيط منظم أن تكون خطة هجومية طالما أن عملية التصعيد كانت على أشدها.
سعد الدين الشاذلي: أفتكر إن أحسن واحد يستطيع أن يجيب على هذا السؤال والأسئلة القريبة منه هو الفريق فوزي، لأن هو كان أيه؟ رئيس أركان حرب القوات المسلحة في هذا الوقت.
أحمد منصور: أنا آمل أن تُتاح الفرصة لنسمع شهادته أيضاً ونسأل الله أن يُطيل في عمره لازال موجود، لكن أريد أن يعني طالما أنت أحلت الأمر إلى الفريق فوزي باعتبار إن سعادتك كنت برتبة لواء وكنت في هيئة التدريب ولم يكن لك ربما صلة مباشرة بالقرار العسكري، قبل 5 يونيو كيف كان.. لو قلنا 4 يونيو هل وصلت المرحلة إلى حد الإحساس بوجود حرب يوم 5 يونيو لديكم كعسكريين؟
سعد الدين الشاذلي: أنا طبعاً هأتكلم على نفسي، أنا تقريباً استدعيت للقيادة في النصف الأخير من مايو، النصف الأخير من مايو، ولما ذهبت هناك شعرت بأن هناك تخبط في الأيه؟ في الخطط من طبيعة الأمر التي بتصدر لي، أطلع في الشمال، أطلع كذا كذا كذا، مافيش أقعد يومين أنزل في الحتة الفلانية أنزل لكذا كذا، أتحرك كذا كذا، ماألحقش أقعد يوم أو يومين أتحرك في الحتة الفلانية، حتى إني خدت سيناء ذهاباً وإياباً وده كلام خطأ بالنسبة للدبابات، لأن كان معايا كتيبة دبابات لما تبقى ماشية على الجنزير كل ده استهلال للأيه؟ للدبابات.
أحمد منصور: في اللحظة دي عفواً أنت حضرتك انتقلت من هيئة التدريب إلى موقع المعركة نفسه.
سعد الدين الشاذلي: أيوه.. أيوه ما قلت لك إن أنا لما ذهبت إلى سيناء لما عينت بقى انتدبت من هيئة التدريب، لأن هيئة التدريب مافيهاش قوات، إدارة من إدارات القيادة العامة للقوات المسلحة، فوقت الحرب لما يكونوا عايزين ينشؤوا قيادات جديدة أو حاجة زي كده بياخدوا من الناس اللي هم موجودين، أو يبدلوا بيهم قيادات أخرى، فشكلت مجموعة.. مجموعة عمليات خاصة بتشكيل خاص من.. بتعتمد على.. تحت بعض وحدات من تشكيلات مستديمة كان منهم على ما أذكر كتيبة مشاة وكتيبة صاعقة وكتيبة دبابات ثم قيادة، أنا بأقود هذه المجموعة.
أحمد منصور: يعني.. يعني الآن أُنشئت قوة جديدة.
سعد الدين الشاذلي: أنشئت قوة جديدة، أنشئت قوة جديدة.
أحمد منصور: تتكون من القوات أو الفئات التي أشرت إليها سعادتك الآن..
سعد الدين الشاذلي: أيوه..
أحمد منصور: وأنت أصبحت قائد لها.
سعد الدين الشاذلي: وأنا القائد بتاعها.
أحمد منصور: تتبع أي لواء، أي جيش، أي قيادة الآن؟
سعد الدين الشاذلي: ما تتبعش لأي جيش ولا أي فرقة، بتتبع للقيادة.. قيادة سيناء.
أحمد منصور: مَنْ الذين كان قائدك المباشر؟
سعد الدين الشاذلي: الفريق صلاح محسن الذي كان قائد القوات.
أحمد منصور: منطقة سيناء.
سعد الدين الشاذلي: في سيناء.
أحمد منصور: يعني أنت كنت تتبعه بشكل مباشر.
سعد الدين الشاذلي: على طول، على طول.
أحمد منصور: كانت مهمة قواتك أيه بقى الآن كقوة خاصة شُكِّلت حديثاً قُبيل حرب 5 يونيو، ماذا كان الدور المناط لهذه القوات الخاصة التي عُرفت في الدراسات العسكرية باسم يعني مجموعة الشاذلي كما أطلق عليها في الكتب؟
سعد الدين الشاذلي: وهذا صحيح، أنا هأجيب لك الموقف الأخير، لأن أنا قلت لك أنا خدت حوالي 3، 4 مهمات في خلال 10 أيام اتغيرت المهمة بالنسبة لي حوالي يجي 3، 4 مرات، فالمرة الأخيرة اللي استقريت عليها والتي افتتح الحرب وأنا قائم بها هي أن أقوم بحراسة وسد المنطقة اللي هي موجودة بين المحور الأوسط والمحور الجنوبي، سيناء…
أحمد منصور: موقعها منين؟ حتى يستطيع المشاهد أن يتخيلها.
سعد الدين الشاذلي: سيناء لها 3 محاور رئيسية، بنسميهم المحور الشمالي اللي هو بيمشي من القنطرة ويميل.. يمشي جنب الساحل الشمالي وإلى أن يصل إلى العريش ورفح ثم غزة وخلافه، وفيه الطريق الأوسط اللي هو بيطلع من عند الإسماعيلية وبيمشي في اتجاه الحسنة وبير سبع وخلافه، وفيه المحور الجنوبي اللي هو بيطلع من منطقة الشط والسويس ويتجه غرباً إلى نخل والتند وإلى الحدود الإسرائيلية، فالمسافة بين المحور الأوسط والمحور الجنوبي واسعة، وكان هناك فيه خوف إن العدو لو هاجم بدل ما يمشي على المحور الرئيسي اللي هو بالأسفلت إن هو يمشي عبر الأراضي المفتوحة ويجي من هذه المنطقة، فأنا كنت أيه؟ بأحرس هذا المنطقة.. هذه المنطقة اللي هي جنوب المحور الأوسط.
أحمد منصور: كانت القوة اللي معاك كفيلة إنك تحرس المساحة الواسعة دي؟
سعد الدين الشاذلي: لا طبعاً طبعاً، وبعدين هو عمر القوات ما كانت كفيلة، ما هو المهم إنك أنت كيف تستخدم القوات بتاعتك، لأن لو أنت شفت المسافة هتبص تلاقيها مسافة كبيرة جداً، إنما أنت بتراقب وبتشوف العدو هيجي منين وبعدين بتندفع في اتجاهه، فأنا كنت متمركز في جنوب المحور الأوسط، وعلى مسافة حوالي 20 كيلو من الحدود الدولية.
بداية حرب 67 والسيطرة الإسرائيلية على الجو
أحمد منصور: كيف وقعت الحرب يوم 5 يونيو وأنت كنت في سيناء وفي خط مواجهة أول مع الإسرائيليين؟
سعد الدين الشاذلي: في يوم 4 يونيو وصل ضابط اتصال من القيادة.. قيادة سيناء وقالوا لي إنك أنت مطلوب باكر الساعة 8، خلي بالك من التوقيتات 4 يونيه وبيقول لي: مطلوب يوم 5 يونيو الساعة 8 صباحاً في المنطقة الفلانية حيث سيصل المشير عبد الحكيم عامر ليعني يلتقي بالقادة الموجودين كلهم، أنا
أحمد منصور: منطقة في سيناء كانت؟
سعد الدين الشاذلي: أفندم؟
أحمد منصور: المنطقة كانت في سيناء؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، كانت في مطار فايد، كانت في مطار فايد، فأنا أبعد واحد بقى في الأية؟ في القادة.. القادة دول كلهم.
أحمد منصور: على اعتبار أنك في خط المواجهة الأول هناك.
سعد الدين الشاذلي: في.. آه، والمسافة بينه.. وبعدين ماليش طرق أسفلتية كمان يعني، المواصلات بتاعتي صعب، يعني علشان أوصل أخد لي يجي 5 ساعات أو بتاع علشان أوصل بالعربية يعني، فقالوا لي صباحاً هتكون عندك طائرة هليكوبتر الساعة 6 صباحاً علشان تاخدك توصلك إلى الأية؟ إلى المؤتمر.
أحمد منصور: في أي موقع بالضبط كنت في سيناء في ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: ما هو لازم يكون عندنا خريطة يعني لإن
أحمد منصور: لو حددت لنا الموقع ربما تستطيع على الخريطة أن نحصل عليه.
سعد الدين الشاذلي: ما أنا قلت لك اللي هو تبص تلاقي.
أحمد منصور: لأ، فيه مدينة معنية؟ فيه نقطة معينة؟
سعد الدين الشاذلي: لا مفيش نقط إشارية يعني
أحمد منصور: لكن كنت في القطاع الأوسط
سعد الدين الشاذلي: جنوب القطاع الأوسط.. جنوب القطاع الأوسط بمسافة بسيطة يعني، وبعدين، المهم، لو فيه خريطة كنت أشرح عليها الموقف بالضبط، ففي الميعاد المحدد اللي هو الساعة 6 صباحاً جت طائرة هليكوبتر وركبت فيها ووصلتني إلى
أحمد منصور: 6 صباحاً 5 يونيه
سعد الدين الشاذلي: 6 صباحاً 5 يونيه
أحمد منصور: يعني كانت ربما الطائرات الإسرائيلية تحركت لضرب
سعد الدين الشاذلي: لأ لسه، لسه، فوصلت هناك وجدت القادة كلهم، يعني فتبص تلاقي مجموعة القيادة اللي هم القادة الكبار يعني هيكونوا في حدود 8، 9 وحاجة زي كده.
أحمد منصور: مَنْ الشخصيات تفتكر اللي كانت حاضرة؟
سعد الدين الشاذلي: قادة الفرق أولاً أساساً، قادة الفرق اللي هو الفرق اللي ماسكة في القطاع الشمالي أفتكر كان عبد العزيز سليمان، وقائد الفرقة اللي في القطاع الأوسط، وافتكر إن هو كان نصار، نصار، واللي في المنطقة أو المحور الجنوبي كان أعتقد إن هو عبد القادر حسن، وبعدين على مستوى القيادة الثانية وكان فيه بقى يعني صلاح محسن والـStaff بتاعه وعدد آخر من الناس اللي هم يعني معاونين زي ما كان قائد مدفعية بتاع حاجة زي كده يعني، إنما دول القادة الميدانيين اللي هم مشاة، وكان فيه طبعاً أظن يمكن قائد الفرقة المدرعة كمان أنا لا أذكر مَنْ هو كان في هذا الوقت، المهم يعني المجموعة كلها حوالي 7،8.
أحمد منصور: وصلت إلى الموقع لم يكن هناك أي إطلاق نار حتى ذلك الوقت؟
سعد الدين الشاذلي: حتى هذا الوقت، حتى هذا الوقت.
أحمد منصور: أي ساعة صباحاً بالضبط وصلت إلى فايد؟
سعد الدين الشاذلي: ما هو أنا هأحكي لك أهه، ما أنا جاي لك ما تستعجلش، ما تستعجلش، وبعدين طبعاً القادة لما بيشوفوا بعض، فيه ناس يمكن ما شفتهمش بقالك كذا وبتاع بيتبادلوا الحديث وبتاع والكلام دوَّه، وقاعدين كلنا في انتظار أيه؟
أحمد منصور: وصول المشير
سعد الدين الشاذلي: وصول المشير، وفجأة سمعنا انفجار، وانفجار تاني، طلعنا نستطلع الموضوع لقينا المطار اللي إحنا فيه بينضرب، بينضرب، فشوف بقى السؤال، يعني في الوقت التي بدأت الحرب بدأت إسرائيل الحرب ضد مصر لم يكن هناك قائد في أية؟ في موقعه، كل القادة، فهل دي جت بطريق الصدفة؟ هل إسرائيل كانت عندها؟ علامات استفهام كبيرة يعني، علامات استفهام كبيرة.
أحمد منصور: لم يتم الإجابة عن التساؤلات أو توضيح علامات الاستفهام حتى الآن؟
سعد الدين الشاذلي: حتى الآن.. حتى الآن ما أنا بأقول لك أهه، كيف يمكن إن يحصل.. تبدأ الحرب مافيش قائد موجود في وسط الجنود بتاعته، المشير عامر راكب الطيارة بتاعته في الجو، طبقاً لتأمين الطائرة بتاعة المشير فيه تقييد للأيه؟ للصواريخ علشان..
أحمد منصور: ممنوع إطلاق أي صواريخ؟
سعد الدين الشاذلي: يعني على الأقل الطريق اللي هو بتاع الطيارة بتاعة المشير مثلاً، فكيف يبدأ هذه؟ دي علامات استفهام ماحدش عارفها لغاية دلوقتي، وده برضو بيدفعنا إلى إن إحنا ضروري يحصل نوع من الأيه؟ البحث والتدقيق والكشف عن هذه الحقائق، المهم وبعدين بصينا لقينا المطار بتاعنا بينضرب.
أحمد منصور: تفتكر الساعة كم بالضبط؟
سعد الدين الشاذلي: حوالي الساعة 8
أحمد منصور: صباحاً.
سعد الدين الشاذلي: حوالي الساعة 8 صباحاً، ولو إسرائيل تعرف إن مجموعة القيادة دي موجودة هنا وجت ركزت على الحتة اللي إحنا موجودين فيها كانت تبقى مكسب مهول، يعني تضيع كل القيادات بتاعة أيه.. بتاعة سينا في ضربة واحدة، في ضربة تصبح.. تصبح الإية كل القوات اللي موجودة بدون رأس، جسم بدون رأس، إنما اللي حصل بقى غلطات، وبعدين اكتشفنا إن بالاتصالات بقى إن مطارات مصر كلها بتنضرب مش مطار فايد بس..
أحمد منصور: في لحظة واحدة
سعد الدين الشاذلي: والمطارات التانية، كل المطارات ابتدت أيه تبلغ، نتيجة الاتصال يعني إن المطارات كلها بتنضرب، وإن المشير عامر قالوا له إن المطارات بتنضرب وابتدى يرجع، طب إحنا أيه موقفنا أية؟ صار موقفنا حوار سريع كده لازم كل واحد يرجع لأيه؟
أحمد منصور: لمكانه، لموقعة، لقواته.
سعد الدين الشاذلي: لموقعه وقواته، كل واحد خد الأية العربية بتاعته جايين كلهم بالعربيات، أنا بقى الطيارة بتاعتي ما تقدرش تطلع، لأن خلاص بقى فيه سيطرة جوية، يعني أنا.. أنا الوحيد اللي جاي بالأية؟
أحمد منصور: بالهليكوبتر
سعد الدين الشاذلي: بالطيارة الهليكوبتر
أحمد منصور: علشان موقعك بعيد
سعد الدين الشاذلي: علشان موقعي بعيد، فأصبح دلوقتي بعد السيطرة الجوية، ما دام فيه سيطرة جوية ما تقدرش تركب لا طائرة هليكوبتر ولا طائرة تانية الطيران الإسرائيلي بقى مسيطر على.. على المنطقة كلها، لأن
أحمد منصور: يعني الآن نقدر نقول إن في اللحظات الأولى من 67 أو الساعة الثامنة أو التاسعة صباحاً لم يكن في مقدور أي طائرة حربية عسكرية مصرية أن تقلع أو تقوم بأي عمليات عسكرية.
سعد الدين الشاذلي: آه، ما هو تم تدمير الطائرات المصرية كلها في خلال ساعة أو ساعتين على أكثر تقدير عمله..
أحمد منصور: وأنتم حتى كقادة جبهته سيناء لم يكن لديكم أي خطة هجومية حتى ذلك الوقت.
سعد الدين الشاذلي: برضو ما تسألينش خطة هجومية، أنا مانيش قائد، أسأل الكلام ده لصلاح محسن قائد الفرقة، أنا راجل واخد مهمة محددة وهي المنطقة.. حراسة المنطقة بجنوب الطريق الأوسط إلى الطريق الجنوبي، خدت بالك.
أحمد منصور: ولا كان لديكم خطط دفاعية حتى؟
سعد الدين الشاذلي: كان في.. حتى هذا الوقت هو أيه.. خطة هجومية.. خطة دفاعية فيها بعض المحاور، أو فيها بعض التصرفات الهجومية يعني كده مش، وده يدلك على إن أنا أيه؟ أنا علشان أوصل للقوات بتاعتي، أنا علشان أوصل للقوات بتاعتي طب أنا ما عنديش عربية، أقرب واحد ليَّه كان قائد الفرقة الأية؟ التانية اللي هي كان أظن نصار فقلت أركب معاه، ركبت معاه
أحمد منصور: كان شعورك أية في اللحظات دي؟
سعد الدين الشاذلي: شعور إنه حرب بدأت ولازم.. ولسه ما احناش عارفين مدى الكارثة حتى هذه اللحظة لم ندرك مدى الكارثة التي حلت بمصر بصفة عامة وبالقوات الجوية بصفة خاصة، لأن كما عرفنا بعد ذلك إن القوات الجوية كلها دمرت على الأرض فيما عدا أعداد طفيفة جداً استطاعت إنها تهرب خارج…
أحمد منصور: أنت في اللحظات الأولى دي لما المطار دُمر ولم يعد لديك قدرة إنك تتحرك وعرفت إن فيه غطاء جوي إسرائيل قوي شعرت بالهزيمة في اللحظات دي؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، لسه.. لا لسه لم نشعر بهذه الهزيمة، لأن بأقول لك لم نشعر حتى هذه اللحظة بمدى الكارثة التي أيه؟ أحلت بنا، المعلومات بتيجي دائماً حتة حتة، يعني ما تجيش المعلومات كلها بهذا الشكل، طبعاً وإحنا رايحين شايفيين العربية ماشية، الطيارات الإسرائيلية رايحة جيَّة في السماء ومفيش يعني أي ظهور للطائرات بتاعتنا خالص يعني، وصلت نصار إلى القيادة بتاعته واداني العربية بتاعته أو عربية أخرى علشان توصلني إلى أيه؟
أحمد منصور: إلى قيادتك
سعد الدين الشاذلي: إلى قيادتي، كنت في القيادة أنا تقريباً قبل المغرب بحوالي ساعتين من..
الشاذلي ومجابهة الطيران الإسرائيلي والموقف الحرج
أحمد منصور: وحتى ذلك الوقت لم تكن القوات الإسرائيلية دخلت إلى سيناء.
سعد الدين الشاذلي: حتى هذه اللحظة بالنسبة لي أم بالنسبة للجبهة كلها؟
أحمد منصور: بالنسبة لموقع المنطقة التي أنت مكلف بحراستها
سعد الدين الشاذلي: أنا مكلف بها، لا ما.. ما دخلوش عندي خالص، إنما حسب ما قرأنا بعد ذلك إنهم كانوا ابتدوا يدخلوا في المحور الشمالي.
أحمد منصور: كنت على بُعد كم كيلو بالضبط من الحدود الفلسطينية؟
سعد الدين الشاذلي: 20 كيلو، كنت 20 كيلو، وبعدين بأقول لك بعد أنا ما وصلت لقيت الطيران الإسرائيلي ضارب القوات بتاعتي وضرب.. عمل عملية إغارة عليها ولقيت الولاد مستنفرين يعني وواقفين منتظرين كل حاجة.
أحمد منصور: القائد اللي بينوب عنك لم يتصرف بشيء.
سعد الدين الشاذلي: لأ، هيتصرف بأيه ما هو مفيش حاجة، مفيش..
أحمد منصور: ولا فيه أوامر جت من القيادة ولا أي شيء.
سعد الدين الشاذلي: ولا.. ولا جت من القيادة ولا كذا، إنما هو المهم إنه هو واخد وضع الاستعداد علشان يتخذ أي موقف ضد إذا كان العدو الإسرائيلي يهجم أو تيجي أوامر أخرى يعني، فلما وصلت وبعدين حاولت بقى اتصل بالأيه؟، باللاسلكي مع القيادة بتاعة سيناء مفيش.. مفيش رد حاولت بيبقى عندنا اتصال آخر مع القيادة الأكبر اللي هي القيادة المصرية، القيادة العامة مفيش اتصال، وبعدين لقيت الموقف، الطيران جه زارني برضو مرة ثانية غير المرة..
أحمد منصور: قواتك كانت مكشوفة؟
سعد الدين الشاذلي: مكشوفة طبعاً في الصحراء، صحراء، عربيات وأرض مفتوحة.
أحمد منصور: ماذا فعلت بعد ما وجدت إن اتصالك بقيادة سيناء منقطع واتصالك بالقيادة العامة كذلك مقطوع؟
سعد الدين الشاذلي: الحقيقة اعتمدت على الاستماع إلى إذاعة العدو ووجدت إنهم قاعدين يقولوا بلاغات بدت خطيرة بالنسبة لي، إنهم دخلوا رفح، وإنهم بينادوا لسكان العريش إن مش عارف أيه، ارفعوا الرايات البيضاء وحاجات زي كده، يعني الله!! أنا مش.. مش عارف الموقف بالضبط، وفيه انقطاع كامل في المواصلات، وكما قلت سابقاً إن أنا وصلت تقريباً حوالي الساعة يمكن 3 أو 4 بعد الظهر، 3 أو4 بعد الظهر على ما وصلت القوات بتاعتي وابتديت آخد في الموقف دهوة وابتديت أفكر خد مني برضو ساعة أو حاجة زي كدا هوة، ماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟ وكل.. لغاية دلوقتي مفيش عدو بري أمامي اللي نشوفه كله
أحمد منصور: للاشتباك معاه
سعد الدين الشاذلي: الطيران جه مرتين وضرب وخسائر طفيفة
أحمد منصور: هل استطعت أن تقيم أية اتصالات بينك وبين قوات المجموعات المجاورة لك؟
سعد الدين الشاذلي: لا مفيش
أحمد منصور: اتصال.
سعد الدين الشاذلي: مفيش اتصال
أحمد منصور: مقطوعة تماماً.
سعد الدين الشاذلي: مفيش اتصال خالص، مفيش اتصال خالص.
أحمد منصور: يعني لم تعرف وضع الجبهة المجاورة لك؟
سعد الدين الشاذلي: إطلاقاً، إطلاقاً، إطلاقاً
أحمد منصور: صرت في عزلة عسكرية تامة
سعد الدين الشاذلي: تماماً، تامة.. تامة، طيب كيف أتصرف؟ كيف أتصرف؟ بأدرس الخريطة لقيت بعد الـ20 كيلو دول داخل حدود إسرائيل فيه منطقة جبلية يعني أصبح العدو الرئيسي بتاعي دلوقتي الأيه؟ الطيران، ومعنديش إمكانيات أيه إمكانيات…
أحمد منصور: لمهاجمته، لم يكن لديك لا صواريخ مضادة للطائرات ولا مدفعية ولاشيء؟
سعد الدين الشاذلي: لأ.. لا لا.. أبداً ما فيش أي أسلحة مضادة للطائرات، فيه الأسلحة الرشاشة الخفيفة اللي هي بتضرب على مسافة 200 متر، 300 متر يعني هو التأثير بتاعها ضعيف، ولكن ما تعتبرش كأنها أسلحة مضادة للطائرات، فقلت أنا أتحرك شرقاً، بدل ما أتحرك غرباً أو أثبت في مكاني، المكان بتاعي مكشوف، المكان مكشوف، فقلت أنا أتحرك شرقاً واخش داخل المنطقة الجبلية دي، داخل المنطقة الجبلية دي هيكون تأثير الطيران عليَّ أيه؟ ضعيف.. ضعيف
أحمد منصور: ودي داخل حدود فلسطين.
سعد الدين الشاذلي: داخل حدود فلسطين، داخل حدود فلسطين
أحمد منصور: يعني القوات الأخرى تنسحب وأنت..
سعد الدين الشاذلي: دخلت، أنا ما أعرفش هم ينسحبوا أو ما ينسحبوش، فرحت داخل في، قبل المغرب كنت أيه؟ دخلت داخل الأيه؟ قطعت العشرين وخمسة كيلو تقريباً جوه حدود.. يعني حوالي 25 كيلو وأيه؟ وعسكرت جوه وفيه منطقة فيها بير، وجبت ميه منهم هناك، فاستقريت في هذا الوضع.
أحمد منصور: حسيت إنك حميت قواتك وأمنتها؟
سعد الدين الشاذلي: أيوه طبعاً.
أحمد منصور: الخسائر كانت في ذلك اليوم في قواتك قد أيه؟
سعد الدين الشاذلي: ضعيفة جداً، بضعة أفراد يعني لما تيجي الغارة يستشهد 2 أو يتعور..
أحمد نصور: كان عدد قواتك وحجمها قد أيه؟
سعد الدين الشاذلي: حوالي 1500 جندي.
أحمد منصور: والمدرعات والناقلات والحاجات اللي معاك؟
سعد الدين الشاذلي: لا ما هو كتيبة دبابات، كتيبة دبابات.
أحمد منصور: كتيبة دبابات.
سعد الدين الشاذلي: كانت هي حوالي 30 دبابة، كتيبة دبابات، ده العنصر الأساسي يعني، ده العنصر الأساسي، فلما دخلت أنا في هذه المنطقة داخل سيناء أنا في بطن جبلين والوادي معووج كده شوية، فالطيران لما يجي كده على ما يشوفني يكون عدَّى ما يلحقش يضرب..
أحمد منصور: مايلحقش يضرب.
سعد الدين الشاذلي: ولو جه من الناحية دي، ولو جه بالطريقة دي برضو مش، يعني بقيت في بطن الجبل، فتلافيت الأيه؟
أحمد منصور: الخسائر ضرب الطيران.
سعد الدين الشاذلي: القصف الجوي، خلاص، ما هو إذا ما كنتش أنت تقدر تقوم بعمل إيجابي قوم بالعمل الأيه؟ السلبي الصحيح، الذي يجنب، لأن لو فشل العدو في إنه يعمل فيك خسائر يبقى ده انتصار لك، ما هي دي لازم تعرف لأن كل واحد.
أحمد منصور: فلسفة.. فلسفة الشؤون العسكرية.
سعد الدين الشاذلي: في حدود إمكانياتك، أنت بتتصرف في حدود إمكانياتك، أنت ما عندكش إمكانيات إنك أنت تضرب الطيارة وتوقعها، طيب إزاي تختبي من الطائرة بحيث إنها لا تستطيع أن تصيبك بمنتهى البساطة، ففاتت ليلة أيه.
أحمد منصور: 5 يونيو.
سعد الدين الشاذلي: 5 يونيو.
أحمد منصور: وأصبحنا في 6 يونيو.
سعد الدين الشاذلي: وأصبحنا في 6 يونيو، أحاول الاتصال برضو مفيش اتصال إطلاقاً والأخبار برضو غير مطمئنة، فبعت ضابط اتصال على إنه ينزل بعربية يشوف أيه المواقف يعني، دي أحد الوسائل لما ينقطع الاتصالات التليفونية واللاسلكية، وما كانش فيه اتصالات تليفونية لأن مفيش، فأحد وسائل الاتصال إن أنا أبعت لضابط اتصال راح ما رجعش، يا ترى ده مات اتقتل، بتاع، وصل ما وصلش ما أعرفش، جه يوم أيه؟ 7 الطيران في يوم 6 و7 بيزروني وما بيضربش لأنه ما يعرفش يضرب.
أحمد منصور: لكن عرف مكانك وموقعك.
سعد الدين الشاذلي: عرف مكاني.. عرف مكاني.. عرف مكاني طبعاً لأنه شاف الحتة القديمة لقاها أيه؟ فاضية سهل قوي يدور فعرف مكاني فبقى أيه يزروني مرتين في النهار تقريباً أو 3 مرات، إنما ما كانش فيه ضرب في يوم أيه؟ يوم 6 لأنه هيضرب فين؟ جه يوم 7 تفاقم الموقف برضو وأنا مش عارف الموقف خالص وأنا موجود.
أحمد منصور: منصور: لكن كنت تواصل الاستماع للإذاعات كمصدر رئيسي للمعلومات.
سعد الدين الشاذلي: للإذاعات، المصدر الرئيسي للمعلومات، والمصدر.. والرديو بتاع مصر برضو معلوماته شحيحة ودي مشكلة كبيرة جداً إن لما بيبقى يعني الناس، القوات العسكرية دائماً تستمع برضو للأيه؟ للراديو الوطني، فلما الراديو الوطني يدوم معلومات خطأ فده.. بيساهم في المشكلة، يعني.
أحمد منصور: وكانت المعلومات خطأ اللي كانت…
سعد الدين الشاذلي: أه طبعاً، ويتكلموا عن إسرائيل، بيتكلموا عن إنهم دخلوا دول مفيش وبتاع ووقعنا كذا طيارة والكلام اللي.. اللي كان بيتقال ده كلام..
أحمد منصور: لكن كنت وأنت على الجبهة تشعر إن هذه المعلومات غير صحيحة؟
سعد الدين الشاذلي: أشعر طبعاً لأن أنا مش شايف أي طيران، مش شايف أي طيران لنا، وشايف طيران العدو هو اللي أيه؟ اللي موجود في السما كله، فطبعاً بيبقى فيه شكوك يعني، خصوصاً لما يكون ضابط محترف يقدر أيه يبين يستبين المعلومة الصحيحة من المعلومة الخطأ.
أحمد منصور: مشاعرك النفسية أيه يوم 7 يونيو بعد يومين فقد الاتصال، معاك 1500 جندي وضابط تريد أن تحافظ عليهم، مقطوعة علاقتك تماماً بالعالم وبقواتك وبقيادتك وبكل شيء، وأنت معزول بين جبلين في فلسطين؟
سعد الدين الشاذلي: مافيش يعني شعور قائد في المعركة هو موجود هذا قدره وإما أن ينتصر أو إما أن أيه يهزم.
أحمد منصور: يعني كنت متوتر، كنت مسرور، كنت حاسس إنك يعني عرضة إن قواتك وأنت تضيعوا في لحظة واحدة يعني؟
مناورات الشاذلي وما تكبده من خسائر في انسحابه
سعد الدين الشاذلي: لا لغاية دلوقتي أنا مطمئن لأن يعني شايف إن العدو مش قادر يعمل لي حاجة ومش متبين الموقف على الجبهات الأخرى الأجناب وكذا، المهم يوم 7 بصيت لقيت حصل اتصال حوالي العصر تقريباً كده، جه اتصال من القيادة العامة.
أحمد منصور: من القاهرة؟
سعد الدين الشاذلي: من القاهرة، مش بقى من قيادة سينا، ثبت لي فيما.. فيما بعد إن قيادة سينا كانت انسحبت من سينا وأنا لا أعلم، فقالوا لي: أنت قاعد بتعمل أيه دلوقتي؟ اللي موجود ينسحب فوراً العدو وراك.. دخلوا بقى في حتت ثانية وأصبحوا في الغرب يعني داخل سيناء بكذا، يعني أصبح العدو ورايا وأنا…
أحمد منصور: دلوقتي أنت محاصر كده.
سعد الدين الشاذلي: كأني محاصر.. كأني محاصر، فانسحب فوراً، حاولت أقول لهم إن يعني، هو مش متخيلين بقى الموقف بتاع الطيران بتاع العدو اللي بيصدر هذا الأمر قاعد في القاهرة مش عارف.
أحمد منصور: تفتكر مين اللي أصدر لك الأمر؟
سعد الدين الشاذلي: الأمر جاي من القيادة العامة، من قيادة عبد الحكيم عامر يعني مش مين هو اللي قال لا أذكر بالضبط يعني، الإشارة رسمية..
أحمد منصور: لما طلب منك الانسحاب شعرت بأيه؟ إن الهزيمة وقعت؟
سعد الدين الشاذلي: شعرت بمدى الكارثة بقى، القوات بيقولوا لك: دا القوات كلها انسحبت وانسحب فوراً لأنا لعدو وراك، يعني أصبت سينا كلها أيه؟
أحمد منصور: منصور: في أيد إسرائيل.
سعد الدين الشاذلي: في أيد إسرائيل، أو في طريها إلى أنها تكون في أيدين إسرائيل يعني العدو وراك، فأنا طبعاً علشان اسكتهم وأهديهم وأحافظ على قواتي قلت لهم: طيب، ولكن ما عنديش النية بإن أنا أنسحب بالنهار أبداً، لأن أنا عارف تأثير الأيه؟ القوات الجوية، استنيت لغاية أيه؟
أحمد منصور: الليل ما دخل.
سعد الدين الشاذلي: لغاية الليل ما دخل، فات يوم 7 آه نسيت أقول لك إن في خلال يوم 6 و7 فيه مناوشات بسيطة كده، يعني العدو عايز يشعرني بإن.. إن هو شايفني وهو موجود، فحاجات نسميها كده أيه يعني مناوشات.
أحمد منصور: مناوشات مدرعات ومشاة.
سعد الدين الشاذلي: مناوشات على مسافة 2300 كيلو يبص وقيوم يضرب طلقتين وإحنا نضرب عليه طلقتين في.. من ناحية الجنوب؟
أحمد منصور: 2300 كيلو؟
سعد الدين الشاذلي: 2300 متر.
أحمد منصور: متر، نعم.
سعد الدين الشاذلي: 2300 متر، 2000، 3000 متر كدا هوة يعني على مسافة بعيدة.
أحمد منصور: يعني 2، 3 كيلو.
سعد الدين الشاذلي: 2، 3 كيلو.
أحمد منصور: يعني معنى ذلك إن قواتك رصدت.
سعد الدين الشاذلي: رصدت مرصودة.
أحمد منصور: وأنت عرفت إن العدو قريب منك.
سعد الدين الشاذلي: طبعاً مرصودة مرصودة برياً وجوياً، ولكن العدو الرئيسي حتى هذه اللحظة هو أيه الجو.
أحمد منصور: ماذا كان عفواً سعادة الفريق أيضاً شعور مساعدينك القريبين منك، شعور جنودك؟
سعد الدين الشاذلي: لأ، هم مطمئنين كلهم ولاد كويسين ومنتقين وشايفين إنه القائد بتاعهم يعني مش متوتر يبقى مش متوترين.
أحمد منصور: يعني للتاريخ أيضاً تذكر بعض أسماء.
سعد الدين الشاذلي: هو له يعني.. يعني القائد بيتأثر بالرئيس بتاعه والجندي بيتأثر، إنما لما يكون شايف القائد
بتاعه أيه؟
أحمد منصور: مهزوز أو.. أو.
سعد الدين الشاذلي: إذا كان مهزوز هيتهز وإذا كان هادي هيشعر.
أحمد منصور: تذكر بعض أسماء هؤلاء.
سعد الدين الشاذلي: أذكر كان ما تنساش إنك أنت بتسأل عن حاجة بقى كذا سنة، يجوز الاسم ما هوش ما هوش موجود عندي دلوقتي، ولكن لما أرجع إلى الأيه؟ إلى الأرشيف بتاعي أستطيع إن أنا أيه؟ إن أنا أ عرف؟
أحمد منصور: هو على اعتبار إن مثل هذه المواقف والأحداث دائماً بتظل محفورة إن لم يكن عندك كقائد فبيظل مساعدينك وجنودك طبعاً يروون لأبنائهم وأحفادهم.
سعد الدين الشاذلي: بالضبط الضبط، هم يعرفوا أكثر، هم يعرفوا، وبعدين الكلام ده لما تبقى حادثة أو حادثتين، إنما التاريخ بتاعي فيه مئات الأحداث فتبص تلاقي أيه.
أحمد منصور: صحيح.
سعد الدين الشاذلي: المهم، إن إحنا بعد أيه؟ ما يعني بعد آخر ضوء يوم 7 ابتديت بقى أيه؟ اتحرك أنا أيه؟ جنوباً، بعد آخر ضوء يوم أيه؟ 7 ابتديت أتحرك.. أتحرك ليلاً وعلى ما أذكر إنها كانت برضو أيه ليالي قمرية، فدي برضو ساعدتنا شوية، لأن ما نستخدمش الأنوار وكلمة إن العدو وراك دي برضو حطيتها في دماغي، فقلت اتحاشى الأيه؟ الطرق، الطرق اللي هي.
أحمد منصور: المطروقة.
سعد الدين الشاذلي: المطروقة يعني، ماشي طبعاً بحذر طول الليل.
أحمد منصور: طيب كيف استدليت على.. على الطريق في صحراء سيناء المخيفة التي إن لم يكن هناك طريق مرصوف.
سعد الدين الشاذلي: ما هي دي شغلتنا بقى، أنت عايز تبقى صحفي وضابط وبتاع جغرافيا وكله في وقت واحد مش ممكن، فمشيت لما طلع عليَّ الفجر وأول ضوء كنت قطعت نص المسافة، يعني طول الليل ماشي بتاع ييجي 100 كيلو مثلاً أو.. أو 110 يعني.
أحمد منصور: وكان الوضع آمن بالنسبة لك؟
سعد الدين الشاذلي: لغاية دلوقتي لغاية الفجر مفيش.. مفيش مشكلة إطلاقاً، مفيش، وطلعت بقى على كنت حوالي 90 كيلو متر شرق الإسماعيلية دا بقينا يوم 8.
أحمد منصور: 8.
سعد الدين الشاذلي: كان يوم 8.
أحمد منصور: 8 يونيو 67.
سعد الدين الشاذلي: 8 يونيو 67، بعد فترة قصر ابتدى الطيران أيه؟ يستلمني.
أحمد منصور: قواتك مكشوفة.
سعد الدين الشاذلي: مكشوفة مكشوفة، وبعدين شفت بقى مدى الكارثة التي حلت بالقوات المسلحة على الطريق بقى وأنا وأنا في العودة.
أحمد منصور: ماذا رأيت في الطريق؟
سعد الدين الشاذلي: رأيت مناظر فظيعة، الدبابات والعربيات محترقة، والطريق مسدود، و.. لأن الطيران، كل.. معظم هذه القوات بعد ما انضرب الطيران ومفيش دفاع جوي ما كانش عندنا في هذه اللحظة الدفاع الجوي الصاروخي المتحرك أو حتى الثقيل اللي هو يقدر يحمي القوات، فالعدو يتصرف كما يريد ودي أحد الدروس اللي إحنا خدناها في 73، وأساس الخطة وفلسفة الخطة بتاعة أكتوبر لما نيجي نتكلم عليها إن إحنا ما أيه.. مانخشش داخل سيناء وليس لنا غطاء جوي وصواريخ (…)، المهم إن إحنا ناخد درس، فالطيران طبعاً استلمني وابتدى يضرب وحصلت خسائر بقى شديدة بقى لأن.
أحمد منصور: في قواتك.
سعد الدين الشاذلي: لأن هو بيركز الأول على الدبابات، وبيركز على العربيات اللي هي الإدارية اللي فيها ذخيرة، وبيحصل مثلاً تبص تلاقي ضرب عربية ذخيرة فالعربية الذخيرة مثلاً ولعت وتبص تلاقي الذخيرة بقى بتنفجر يمين وشمال أنت.. عربية مولعة وتفجرات يمين وشمال، والعربية التانية بتعدي ما واحدة يمين وواحدة شمال، وكل واحد وحظه بقى، كل واحد وحظه، فطبعاً المهم يعني تكبدب برضو أكبر خسائر تكبدتها كان خلال هذه المرحلة اللي هي من 90 كيلو شرق الإسماعيلية إلى أن وصلت إلى المعابر كانت آخر أنا وحدة متماسكة بحيث إن أنا عديت ونسفوا الكباري على طول المهندسين.
أحمد منصور: في الحلقة القادمة قصة العبور هذه، قصة آخر مجموعة عسكرية عبرت من غرب قناة السويس إلى شرقها يوم 8 يونيو تحت قيادة الفريق سعد الدين الشاذلي وما حدث بعد ذلك من حرب الاستنزاف ستكون محور موضوع الحلقة القادمة.
شكراً سعادة الفريق.
سعد الدين الشاذلي: شكراً.
أحمد منصور: كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في حلقة قادمة لنكمل الاستماع إلى شهادة الفريق سعد الدين الشاذلي (رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة المصرية)، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله